قصة صديق لي قررت أن أكتب عنها لم أكن أتخيل أن هذا الواقع أليماً إلي هذا الحد !!
" مقال "
طريد العدالة !!
في تلك الفترة التي عاصرتها في حياتي ، والتي هي من أجمل ما عشت ، ومن أصعبها في آنٍ واحد ، ولكنني في تلك الكلمات البسيطة لن أتحدث عن حياتي بنعيمها ، وشقائها ، ولكن سوف أتحدث عن حياة صديقي الذي يقطن في منزل ابن عمته تحت سقف واحد بل وشقة واحدة .. لن أتحدث عن حياته بأكملها و لكن سوف أكتب عن أسبوع – المــُر – الذي كان بمثابة الساعة للجميع .
في ذلك الأسبوع استطيع الجزم بأنني قد شـِبت قبل أواني ؛ بل قد تصل لدرجة أنني لن أستطيع الإنجاب بعد ذلك .. رعب .. فزع .. كوابيس .. بقايا إنسان محطم ، هو ذلك الرجل البسيط الذي يطارده رجال الشرطة لتنفيذ حكم الإعدام عليه – شهر و 50 جنية غرامة – إنه مجرم في نظر القانون .. طريد العدالة .. نعم أجرم في حق نفسه ؛ بل و في حق جميع الخلق .. أخذ مالا يستحق .. حينما أراد أن ينعم بنور الحرية مثلهم .. نور الحياة الذي وهبه الله إياه .. إنه فعلاً مجرم يستحق العقاب ، ولكن علي ماذا؟!! نحن شعب يحترم العدالة ، ويقدس الواجب ، وينتمي إلي ذلك القانون (تييييت) في الوجدان .. قانون يطبق بلا وعي أو إدراك .. ذلك القانون الذي كتبت أحرفه علي جدران (تييييت ) و (تيييت) و (تيييت) .. ذلك القانون الذي لا يحمي المغفلون .
حكم المحكمة المذكور عاليه هو حكماً نهائياً لا رجعة فيه ، و إليك نص القانون " حكمت المحكمة علي المذكور أعلاه – طريد العدالة – بالسجن لمدة شهر وغرامة خمسون جنيهاً فقط لا غير ، وذلك للتهمة المنسوبة إليه وهي سرقة كهرباء (النور) طبقاً للقانون ملوخية في سنة 37 مهلبية ، إعمالاً بنص المادة حجج فارغة "
نعم !! حجج فارغة كما قرأت سرقة كهرباء فمنذ ذلك الحين ، وهو طريد العدالة .. نظل في كوابيس بالليل .. وتهديد بالنهار .. لدرجة وصلت بهم الوقاحة لكسر باب الشقة بحثاً عنه و كأنه قتل قتيلاً ، يالا عقم ذلك القانون –قانون الطوارئ – قد تحول شعار الشرطة في خدمة الشعب الذي إختفي من أمام أقسام الشرطة إلي " قدم رجال الشرطة فوق رقبة الشعب " فبهذا القانون ينتهكون حرمات البيوت ، يدخلون علي الناس بغير حق باسم القانون ، - ضابط شرطة بقي ؟!! – فزع في منتصف الليل ، ومطاردات ، ورعب في وضح النهار ، و كأن السارقين ، والمارقين انتهوا ولم يتبقي سواه .. كوابيس تطارده ، وتطاردنا ليلاً كأشباح .
حكم المحكمة بدون سماع دفاع المحكوم عليه .. حكم رخيص . أخرس .. حكم بلا أدله أو براهين .. فقط مندوب كهرباء لم يتقاضي رشوته بسبب تغيير النشاط .. حتى لم يسأل القاضي نفسه :
- ما الذي دفع بذلك المجرم لكي يرتكب تلك الجريمة الشنعاء ؟!!!
فمنذ ذلك الحين أصبح طريد العدالة .. فأين العدالة ؟!!!!!