الأربعاء، أغسطس 18، 2010

كتاب يوميات مجنون رسمي " المقدمة"

يوميات مجنون

رسمـــي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلي من يهمه الأمر ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الكتاب ليس للسخرية أو مدعاة للضحك إنما هو شكوى صريحة جريحة لسيدي – وتاج رأسي – الفاضل الذي تفتحت مقلتي عليه و ترعرعت في زمام سلطته ؛ بل و تملكتني أفكاره الرائعة التي قد أتفق مع بعضها ، و أختلف مع البعض الآخر ، أحاول بكل تواضع و إخلاص مناقشة الأوضاع المتردية التي وصلت إليها بلادي ، وكما يعلم الجميع أن شر البلية ما يضحك فشعبي الجليل – ابن نكته – يعشق الفكاهة حتى في أوقات العسر ، ففي تلك اللحظات التي أسطر فيها تاريخ يومياتي مازلت عاطل ، أعزب ، أكتسب قوت يومي – آكل و أشرب بس – بكثير من العناء ، وكثير الكثير من التنازلات المهينة التي لا يتحملها سوى – مجنون رسمي – شاب مكافح يريد الاستقرار في بلده غير ساعٍ للهجرة .. شاب أراد أن يحقق ذاته – في المشمش – علي أرض بلده الحبيب ، متيم بترابها الطاهر .


مازالت حكمة سيادتكم تقهر فرسان الظلم الذين يحاولون جاهدين بشتى الطرق تدنيس هذه الأرض ، واغتصاب ثرواتها ؛ مازالت بصيرتكم هي بصيص الأمل الذي أتشبث به حتى أحيا و أموت بكرامة !! في ظل حياة تكفل لي – علي الأقل – رفع هامتي بين صنوف البشر بمختلف أعراقهم و لغاتهم .


مازلت طامعاً في لقائك سيدي حتى أرتاح و أزيل هموم حياتي علي أعتاب مقامكم الرفيع ، و أن تـُثلج كلماتكم الكريمة صدري الملتهب المحترق بنار البؤس ، و الفقر ، و سوء الحال لكن في الأحلام !! كل ما أدونه هو مجرد أحلام أتمني أن أعيشها بين طيات أوراقي !!


لن تصدق أن أصدقائي طوال مشوار حياتي لا يتعدون أصابع اليد الواحدة .. لن تصدق أن ابتسامتي ذهبت عني فأنا لم أضحك منذ زمن بعيد !! كثيراً ما أرتاح في انفرادي بنفسي ، و بين أربع جدران قد دونت عليها أجمل قصائدي ، وشهاداتي ؛ فكلما رأيتها ازداد إحباطي ، هل تصدق أني أتلذذ بالوحدة ؟! لقد عشقت العزلة ، ويتمتني الغربة في بلدي .. سيدي كل ما أتمناه هو أن أطير بجناحي – مش أموت !!- حتى أصل عنان السماء و أصيح بصوتٍ عالٍ حتى تسمعني كل الدنيا بأكملها .. تحيا بلادي .. تحيا بلادي .. تحيا بلادي ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقدمة ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليوم هو الجمعة من شهر مارس الموافق أربعة منه ؛ فنحن كالعادة نجتمع في منزل صديقنا حسام نتجاذب أطراف الحديث عما مضي ، نهيم في ذكريات الماضي .. نسبح في أوقات الحاضر .. ننسج أجمل ثوباً للمستقبل .. نبحر في أنهار النميمة ؛ فلا تترك إخلاص أحداً من الجيران أو أصدقاء العمل إلا وسردت لنا تاريخ حياته الأسبوعي ؛ أما ماضي فتحدث عن أحد أصدقائنا العائد بعد أيام من بلاد لم تطأها قدمي و لو حتى علي سبيل المزاح .. تحدث عن مراد ملياً ، وعن حياته الرغدة و زواجه من أجل الجنسية حتى أن استقر به الحال في أهم الوظائف المرموقة .. صمت ماضي قليلاً ثم بادلني النظرات و استطرد :

- لو مراد جالك البيت يا كمال هتعزمه علي إيه ؟

وجدتني أتحدث بعفوية و سذاجة مطلقة علي غير العادة :

- فول و طعمية ..

و ما أن انتهيت من كلماتي حتى انطلقت صيحاتهم جميعاً ، و دويت ضحكاتهم أرجاء المكان ؛ بدأ يطلق البعض النكات السخيفة ، بينما البعض الآخر اكتفي بالمشاهدة و الاستمتاع بالضحك ، أما أنا فقد احمر وجهي خجلاً متعجباً فقال ماضي وهو يحاول كتم ضحكاته :

- يعني لو مراد جالك بيتك هتعزمه علي فووول و ط....

ثم ارتفعت أصوات ضحكاته فلم يستطيع كبت مشاعره أو كبح جماح استهتاره بينما أنا اكتفيت بالنظر إليه و تحدثت باستخفاف :

- هو مش جاي بيتي .. هاعزمة أكيد علي اللي باكل منه .. يبقي أكيد فول وطعمية !!

ثم علت أصوات ضحكاتي ، وتابعني البقية ،خرج علينا جلال بكلماته المستفزة و هو يشير للجميع بالسكوت :

- علي كدا بقي لو الريس جالك بيتك هتعزمة علي فول و طعمية ؟!

لا أعلم وجه المقارنة الذي وضعني فيه لكني لم أتردد ، وانطلقت كلماتي تسبقني بإصرار:

- طبعاً .. فول و طعمية .

ادعاني بالجنون ثم انفض المجلس باكراً اليوم وذهبنا فلدينا يوماً حافلاً من عناء العمل .. جلست علي أريكتي الموجودة في ركن الصالة .. استأت كثيراً من نفسي فما يعيب هذا الطعام ؛ ثم استرجعت شريط الحوار حتى توقفت عند كلمات جلال وسؤاله:

- علي كدا بقي لو الريس جالك بيتك هتعزمة علي فول و طعمية ؟!

ترددت هذه الكلمات كثيراً علي مسامعي فوجدتني و بدون داعي أعلو بصوتي :

- وليه لأ ؟!! هو مش دا اللي باكل منه ..

ما هو الداعي لكي ينعتني بالجنون ..؟!و من هذا المنطلق قررت أن أشكو للريس من سوء حديث ماضي ، و افتراءات جلال ؛ لكن كيف أستطيع مقابلة الرئيس ..؟! و هنا تذكرت إحدى مقالات الأستاذ / إبراهيم عيسي التي كان يتحدث فيها عن عبيد المنزل و عبيد الحقل .. كما أشار في مقالته أن عبيد المنزل هم فقط من يحظون بمقابلة رب المنزل نظراً لأنهم القائمين علي خدمته ، ويساعدونه في إدارة أمور المنزل و تنظيم أدوار عبيد الحقل ؛ أما عبيد الحقل لا يستطيعون نيل شرف مقابلة رب المنزل نظراً لسوء حالتهم ، وملابسهم الرثة الرديئة .. فأنا جلالتك أو سيادتك – إن صح التعبير علي أن العهد الملكي قد ولى و اندثر – من عبيد الحقل ، ولذلك لن أستطيع نيل هذا الشرف علي أرض الواقع .. من هنا قررت أن أقابله – الريس – ولكن في الأحلام !! فهذا هو الأمل الوحيد لكي أشكو له كل ما يجول بخاطري ، و أن أحكي له مشاكلي و همومي و قد يستدعي الأمر وأبكي علي صدره ، أو أن يربت علي كتفي بيديه !!

المؤلف
كمــال الصيـــاد