**********************************************
عـــــــزومــــة الآنســـــــة إخــــــــــلاص !!
**********************************************
اليوم هو السبت – 14 منه – استيقظت كالعادة – خدت دُش ساقع – ذهبت إلي العمل مستقلاً الباص – المايل علي جنبه – أقف علي الباب ممسكاً بأحد الركاب من كتفه – يعني لو وقع قول علينا يا رحمن يا رحيم – فهو صمد كالعادة ، وعندما دخلت المكتب لاحظت ما يثير دهشتي ؛ فالآنسة إخلاص – نضفت بقت آخر 18 حاجة – لا ترتدي نظارتها عامله شعرها – مظمبليط – عند المكوجي !!
ما زاد الطين بله مش الماشيت ، لكن تلك الأظافر البديعة المنقوش عليها حروف أجدادنا الفراعنة في الأساطير و الحكايات .. اعتقدت أنني دخلت أحد المكاتب بالخطأ فكرت أعود أدراجي حتى سمعت صوت – عِــرسه – رفيع جداً أكاد أستشف منه بصعوبة صوت إخلاص ؛ عدت برأسي مرة أخري ، ونظرت إليها فوجدتها تشير بثلاث أصابع في خجل ، لا أعلم باقي أصابعها ابتسمت ابتسامة بلهاء ثم دخلت – أعوذ بالله من الخبث و الخبائث – و جلست علي مكتبي في صمت حتى اخترق هذا الصمت همهمات ، وتنهدات الآنسة إخلاص :
- أزيك يا أستاااااااذ ... كمااااااااال .
عملت نفسي – أهبل - مش واخد بالي ، حتى اقترب هذا الشيء – صوتها – شيئاً فشيئاً من أذني استدرت في فزع لأجد شفاه الآنسة إخلاص علي أعتاب طبلة أذني ، وهي تكرر نفس الكلمات السابقة ، عدت بالكرسي للخلف ، وأنا متوتر :
- أهلاً .. أهلاً يا آنسة إخلاص ..
عادت لمكتبها و تحدثت – بسهتنة – و نعومة :
- الحمد لله .. طول ما أنت بخيييير ...
- إنما إيه النيولوك الجامد دا ؟!!
- عجبك ؟!
- إلا عجبني !! دا مالوش حل ..
أكملت باقي مقولتي في سري – رياء يعني – " الله يخرب بيت أفلام الرعب اللي أنتي عايشة فيها " ثم استطردت بصوتٍ عالٍ :
- إنما أنتي شوفتي الحالقا.. قصدي القصااااا دي فين قبل كدا ؟!!
أخذت تعبث في – المظمبليط – شعرها ، وتحرك رموشها - بتسبللي - :
- كانت في فيلم سواق الهانم ..
- و دي حالقت السوااااق ..
- هاهاها .. لأ .. الهانم طبعاً ..
و قبل أن تنتهي كلماتها نهضت ، و أمسكت بيدي ؛ فجذبتها بقوة – شرف الراجل زي الولاعة - :
- فيه .. فيه إيه يا آنسة إخلاص ؟!! ما يصحش ..
- هو أنا عملت حاجة لسه !! أنا هوشوشك .. أنت معزوم النهاردة ع الغدا .. عندنا !!
- خلاااص ... حاضر ... بس أقعدي علي مكتبك ..
- فاكر من أسبوع لما أنا كنت بقمع البامية هنا ، و أنت يا حراااااااام .. قولتيلي أنك ماكلتهاش من أيام المرحومة .. مامتك ...
- ألف رحمة و نور تنزل عليها ..
- من يومها ، و أنا عمالااا أفكر .. أفكر .. لحد ما قررت أعملهالك ..
- بس إوعي تنسي البتنجان المحشي طماطم .. و الطماطم حتت صغيرة ..
- كاتبه كل اللي أنت قولته يومها هنا ..
أشارت علي قلبها ، تحدثت في سري " يا نهار اسود .. أنا با أدبس ولا إيه ؟! "
- و العزومة إمتي يا آنسة إخلاص ؟
- حالاً ..
- إيه ؟!
- أقصد النهاردة .. اتفقنا ؟
- و مين تاني معزوووم ..؟
- ما فيش .. أنت و بابا ..... و ماما ... و أنا ... وبس ...
- اتفقنا .. الساعة أربعة هكون عندكم ..
كلام علي جنب – بيني و بينكم – أنا خفت و قلقت ، بس مش مهم دي بامية – و محسوبكم بيضعف قوي قدام البامية - .
في تمام الرابعة إلا دقيقة أقف أمام شقة الآنسة إخلاص ، لم أطرق الباب بعد حتى فتحت الباب و جذبتني للداخل ، و أغلقت الباب خلفي :
- حمد الله ع السلامة ..
- ثواني بس ... قفلتي الباب ليه ؟!
ذهبت و فتحت الباب ثم دخل مراد ومن خلفه أخي سعيد .. رمقتهم الآنسة إخلاص بحقد ثم نظرت لي – بـِـغـِـل و هرشت في رأسها – فعاجلها مراد بكلماته المنقذة :
- شكراً يا آنسة إخلاص .. كيمو كان عازمني النهاردة ع الغدا .. و فاجئني إنك مصممه علي عزومتي ، و أغراني بالبامية ..
ارتسم علي ملامح إخلاص علامات تدل عن عدم الرضا ، ثم تابعت بكلمات هادئة :
- إنتوا منوريين النهاردة .. اتفضلوا .. اتفضل يا أستاذ سعيد ..
لم تنبس إخلاص ببنت شفة – سُكتم بُكتم – و اكتفت بتوجيه نظرات اللوم و العتاب فقد ذهبت مع الريح كل ما كانت تحلم به من الأجواء الشاعرية .. الرومانسية .. المهلبية .. وقليل من البامية و الملوخية .. لكن ما لفت الانتباه هو كثرة سلامات الوالدين ، التي زادت عن حدها فكلما وقع بصر أحدهم علي أياً منا " منورين .. أهلاً وسهلاً " وكأننا في عزاء انتهت عنده كل أحرف الهجاء .. مرت العزومة علي خير حتى الرمق الأخير و نحن علي أعتاب باب الشقة فقد كنت الأخير ، وما أن اقتربت مني الآنسة إخلاص حتى وكزتني في يدي – بــِغــِلْ – ثم دفعتني للخارج دون إلقاء التحية – و رزعت الباب في وشي – حتى ظننت أنها القطيعة التي أنقذت حياتي من بين براثن إخلاص !!
انتقلنا نحن الثلاثة إلي – الشوفي كوب – اللي علي ناصية شارعنا ، وطلبنا – تلاتة همبورجر .. اتنين كفتة .. اتنين بيض بالبسطرمة .. خمسة شاورمة – أصلي نسيت أقولكم إن العزومة كانت علي شاي جر رجل يعني !!
طبعاً محسوبكم اتدبس في العزومة وكع من جيبه المخروم – 37 جنية ونص – و كعادة سعيد ومراد لم أخلو من التريقة التي ألقاها كلاهما ، وكم النكات البديعة وليدة اللحظة .. طبعاً إحراجي خلاني طلعت نمت مغموم علي أنغام موسيقي " والله يا زمن " من فيلم " نحن لا نزرع الشوك " التي كان يتابعها الفنان سعيد أخويا – أصله بيحب السيما أكتر من أبوه و أمه ، ونفسه يكون ممثل كبير – ربنا يوفقه .