
امتطيت صهوته من الوضع واقفاً بعد أن ارتديت ثياب الحرب ؛ .. تزودت بعتادي ، وعقدت العزم ثم اخترقت طريقي كالسهم وغبار طريقي يتصاعد خلفي حتى وصل عنان سماء الوادي ؛ فأنا ذاهب للقاء الوالي ومعي مصوغات التعيين .
علي مشارف المدينة كان الزحام قد بلغ أشده ، والشمس تضرب رؤوس المتبارين ، والظمأ قد شق شفاه كل تلك الجموع التي تأبى ترك أماكنها .. فرسان ترفض ترك ساحة المعركة حتى لو طالت تلك اللحظات سنين ؛ فهذا ما سوف يروي ظمأ التعيين.. وأخيراً ساعي الوالي يحمل مرسوماً أو فرماناً يتلوه بصوتٍ عالٍ :
- من كان علي قدميه فليرحل ..
خلت الساحة من نصف الفرسان ، و ارتسمت أفراحي علي ملامحي ؛ ثم استطرد:
- من كان علي جوادٍ أبيض أو أسود فليرحل !!
اشتدت سعادتي فقد خلت الساحة إلا من قليل ، نظر الساعي في حدة ثم تحدث :
- من كان جواده أنثي أو ذكراً فليرحل !!
انفرجت أسارير قلبي ، وسمعت صدا ضحكاتي فالساحة لم يعد بها سوى أنا ،
والساعي الذي ناداني وقد قطب حاجبيه مرسوماً علي وجهه البائس الشاحب ابتسامة جدباء .. انحني قليلاً من فوق منصته و استطرد :
- لماذا تضحك .. ؟!
قلت له و أنا لا أتمالك نفسي من فرط البهجة :
- لا شيء .. فأنا أركب جحشاً ..
ضحك وعاد مكانه ثم أضاف قليل الكلمات في الفرمان ، و استطرد :
- حتى ولو كان علي جحشاً .... !!