الأحد، يونيو 05، 2011

قصيدة " جنية النظام "

جنية النظام ..!!

السياسة .. للساسة العِظام ..

مش بس لبتوع الكلام ..

للي فاهمين الدماغ ..

مش حزب عَّاليِنا الدماغ..

حزب أتباع النظام ..

السياسة ..

كلمة بتهز البيوت ..

لما يجيلك

حضرة جناب الإخطابوط..

يقلب ورق ..

باعديه ورق..

وكمان دولاب ..

و حبة فلوس بتتسرق ..

وفجأة !! وشه ينقلب..

بيقول : أهه !!

الكل حاله ينقلب..

ماسك جنيه

م اللي إتنهب ..

بيقول: لقيت الدليل ..

كان الدليل ..

جنيه ورق !!

من حُر مالي

اللي إتسرق ..

جريت عليه و قولت : إيه؟!!

قالي : هو انت بتقطّع جنيه؟!!

هو انت يا بتاع السياسة ..

مش عاجبك جنيه النظام ؟!!

قولتله: هو النظام يبقي الجنيه؟!!

اللي إتلزق !!

مش دا المهم ..

المهم إنه إتسرق !!

للشاعر / كمال الصياد

الأحد، مارس 06، 2011

قصيدة رسالة رئيس للشاعر / كمال الصياد

قصيدة رسالة رئيس للشاعر / كمال الصياد
http://www.youtube.com/watch?v=Qj40SasosTg
أتمني أن تنال اعجابكم

قصيدة رسالة رئيس للشاعر / كمال الصياد



http://www.youtube.com/watch?v=aw4A7afftLQ
قصيدة رسالة ميدان الثورة / كمال الصياد

قصيدة رسالة رئيس


رسالة من رئيس

***********

اعذريني ..

فقد استبحت حرامكٍ

و حللَّت دم شبابكٍ

فتملكني الغرور

واستهنت بشعبكٍ

************

اعذريني..

فأنا صاحب أول ضربة

في نعش الحرية

أنا من بني عرشاً للديكتاتورية

أنا .. و أنا ..

من أرسي قواعد

للعبودية !!

***************

اعذريني ..

فأنا ..

من وضع الدستور الباهت

من دمر اسطورة

نهركِ الخالد

من كتب تاريخاً

" أكذوبة قائد"

**************

اعذريني..

علي ثرواتك المنهوبة ..

علي كلماتي المعطوبة ..

فدموعي باتت تتحجر

أقدامي بدماء شبابك

تتعثر!!

عرشك أبداً لن يتورث

فمقاليد الثورة

سوف تـــُدَّرَس

سوف تـٌـدَّوَن ..

علي جدران

صلاح الدين و أحمُسْ

*************

اعذريني ..

علي سنوات مفخرتي ..

علي خطوات مذبحتي ..

علي .. و علي ..

ذلات محكمتي ..

سيدتي !!

لن يتورث عرشك بعد اليوم ..

لن تتلقي عبارات اللوم ..

فلكِ تاريخاً يحكي ..

و أنا أيضاً لن أبكي ..

فلدي من القوة ما يكفيني

اعذريني!!

أشعار

كمال الصياد

الأربعاء، أغسطس 18، 2010

كتاب يوميات مجنون رسمي " المقدمة"

يوميات مجنون

رسمـــي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلي من يهمه الأمر ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الكتاب ليس للسخرية أو مدعاة للضحك إنما هو شكوى صريحة جريحة لسيدي – وتاج رأسي – الفاضل الذي تفتحت مقلتي عليه و ترعرعت في زمام سلطته ؛ بل و تملكتني أفكاره الرائعة التي قد أتفق مع بعضها ، و أختلف مع البعض الآخر ، أحاول بكل تواضع و إخلاص مناقشة الأوضاع المتردية التي وصلت إليها بلادي ، وكما يعلم الجميع أن شر البلية ما يضحك فشعبي الجليل – ابن نكته – يعشق الفكاهة حتى في أوقات العسر ، ففي تلك اللحظات التي أسطر فيها تاريخ يومياتي مازلت عاطل ، أعزب ، أكتسب قوت يومي – آكل و أشرب بس – بكثير من العناء ، وكثير الكثير من التنازلات المهينة التي لا يتحملها سوى – مجنون رسمي – شاب مكافح يريد الاستقرار في بلده غير ساعٍ للهجرة .. شاب أراد أن يحقق ذاته – في المشمش – علي أرض بلده الحبيب ، متيم بترابها الطاهر .


مازالت حكمة سيادتكم تقهر فرسان الظلم الذين يحاولون جاهدين بشتى الطرق تدنيس هذه الأرض ، واغتصاب ثرواتها ؛ مازالت بصيرتكم هي بصيص الأمل الذي أتشبث به حتى أحيا و أموت بكرامة !! في ظل حياة تكفل لي – علي الأقل – رفع هامتي بين صنوف البشر بمختلف أعراقهم و لغاتهم .


مازلت طامعاً في لقائك سيدي حتى أرتاح و أزيل هموم حياتي علي أعتاب مقامكم الرفيع ، و أن تـُثلج كلماتكم الكريمة صدري الملتهب المحترق بنار البؤس ، و الفقر ، و سوء الحال لكن في الأحلام !! كل ما أدونه هو مجرد أحلام أتمني أن أعيشها بين طيات أوراقي !!


لن تصدق أن أصدقائي طوال مشوار حياتي لا يتعدون أصابع اليد الواحدة .. لن تصدق أن ابتسامتي ذهبت عني فأنا لم أضحك منذ زمن بعيد !! كثيراً ما أرتاح في انفرادي بنفسي ، و بين أربع جدران قد دونت عليها أجمل قصائدي ، وشهاداتي ؛ فكلما رأيتها ازداد إحباطي ، هل تصدق أني أتلذذ بالوحدة ؟! لقد عشقت العزلة ، ويتمتني الغربة في بلدي .. سيدي كل ما أتمناه هو أن أطير بجناحي – مش أموت !!- حتى أصل عنان السماء و أصيح بصوتٍ عالٍ حتى تسمعني كل الدنيا بأكملها .. تحيا بلادي .. تحيا بلادي .. تحيا بلادي ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقدمة ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليوم هو الجمعة من شهر مارس الموافق أربعة منه ؛ فنحن كالعادة نجتمع في منزل صديقنا حسام نتجاذب أطراف الحديث عما مضي ، نهيم في ذكريات الماضي .. نسبح في أوقات الحاضر .. ننسج أجمل ثوباً للمستقبل .. نبحر في أنهار النميمة ؛ فلا تترك إخلاص أحداً من الجيران أو أصدقاء العمل إلا وسردت لنا تاريخ حياته الأسبوعي ؛ أما ماضي فتحدث عن أحد أصدقائنا العائد بعد أيام من بلاد لم تطأها قدمي و لو حتى علي سبيل المزاح .. تحدث عن مراد ملياً ، وعن حياته الرغدة و زواجه من أجل الجنسية حتى أن استقر به الحال في أهم الوظائف المرموقة .. صمت ماضي قليلاً ثم بادلني النظرات و استطرد :

- لو مراد جالك البيت يا كمال هتعزمه علي إيه ؟

وجدتني أتحدث بعفوية و سذاجة مطلقة علي غير العادة :

- فول و طعمية ..

و ما أن انتهيت من كلماتي حتى انطلقت صيحاتهم جميعاً ، و دويت ضحكاتهم أرجاء المكان ؛ بدأ يطلق البعض النكات السخيفة ، بينما البعض الآخر اكتفي بالمشاهدة و الاستمتاع بالضحك ، أما أنا فقد احمر وجهي خجلاً متعجباً فقال ماضي وهو يحاول كتم ضحكاته :

- يعني لو مراد جالك بيتك هتعزمه علي فووول و ط....

ثم ارتفعت أصوات ضحكاته فلم يستطيع كبت مشاعره أو كبح جماح استهتاره بينما أنا اكتفيت بالنظر إليه و تحدثت باستخفاف :

- هو مش جاي بيتي .. هاعزمة أكيد علي اللي باكل منه .. يبقي أكيد فول وطعمية !!

ثم علت أصوات ضحكاتي ، وتابعني البقية ،خرج علينا جلال بكلماته المستفزة و هو يشير للجميع بالسكوت :

- علي كدا بقي لو الريس جالك بيتك هتعزمة علي فول و طعمية ؟!

لا أعلم وجه المقارنة الذي وضعني فيه لكني لم أتردد ، وانطلقت كلماتي تسبقني بإصرار:

- طبعاً .. فول و طعمية .

ادعاني بالجنون ثم انفض المجلس باكراً اليوم وذهبنا فلدينا يوماً حافلاً من عناء العمل .. جلست علي أريكتي الموجودة في ركن الصالة .. استأت كثيراً من نفسي فما يعيب هذا الطعام ؛ ثم استرجعت شريط الحوار حتى توقفت عند كلمات جلال وسؤاله:

- علي كدا بقي لو الريس جالك بيتك هتعزمة علي فول و طعمية ؟!

ترددت هذه الكلمات كثيراً علي مسامعي فوجدتني و بدون داعي أعلو بصوتي :

- وليه لأ ؟!! هو مش دا اللي باكل منه ..

ما هو الداعي لكي ينعتني بالجنون ..؟!و من هذا المنطلق قررت أن أشكو للريس من سوء حديث ماضي ، و افتراءات جلال ؛ لكن كيف أستطيع مقابلة الرئيس ..؟! و هنا تذكرت إحدى مقالات الأستاذ / إبراهيم عيسي التي كان يتحدث فيها عن عبيد المنزل و عبيد الحقل .. كما أشار في مقالته أن عبيد المنزل هم فقط من يحظون بمقابلة رب المنزل نظراً لأنهم القائمين علي خدمته ، ويساعدونه في إدارة أمور المنزل و تنظيم أدوار عبيد الحقل ؛ أما عبيد الحقل لا يستطيعون نيل شرف مقابلة رب المنزل نظراً لسوء حالتهم ، وملابسهم الرثة الرديئة .. فأنا جلالتك أو سيادتك – إن صح التعبير علي أن العهد الملكي قد ولى و اندثر – من عبيد الحقل ، ولذلك لن أستطيع نيل هذا الشرف علي أرض الواقع .. من هنا قررت أن أقابله – الريس – ولكن في الأحلام !! فهذا هو الأمل الوحيد لكي أشكو له كل ما يجول بخاطري ، و أن أحكي له مشاكلي و همومي و قد يستدعي الأمر وأبكي علي صدره ، أو أن يربت علي كتفي بيديه !!

المؤلف
كمــال الصيـــاد

كتاب يوميات مجنون رسمي " الحلم الأول"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استعنا ع الشقا بالله ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اعتدلت علي الأريكة في وضع النائم أنظر إلي سقف الغرفة أحاول تصديق الفكرة ، فكما قالت جدتي " إذا أردت أن تحلم بأحد فيجب عليك أن تفكر به ملياً قبل النوم ، وحينها سوف يأتيك في حلمك " .. استيقظت كعادتي في الصباح الباكر فليس هناك من جديد !! دخلت مكتبي وألقيت التحية علي زميلتي إخلاص التي بدأت منذ دخولي بممارسة هوايتها المفضلة – النميمة – و أنا أتثاءب .. أحاول أن أستيقظ من شدة إرهاقي بالأمس .. استدعيت ساعي المكتب و طلبت منه فنجاني المعتاد من القهوة كي أستطيع استكمال عملي ، بينما إخلاص لم تصمت بعد ، و أنا مازلت لا أسمع منها شيئاً كالمعتاد حتى أيقظتني ضربات يدها علي مكتبي فقفزت من مكاني و كأن زلزالاً اجتاح صمتي :

- فيه إيه يا إخلاص ؟!

- أعملك كافي ميكس معايا ..؟

- لأ .. لسه شارب قهوة حالاً ..

عادت لمكتبها و هي كعادتها لا تترك صغيرة و لا كبيرة :

- قهوة .. قصدك تقول اتنين قهوة ، و تلاته شاي !!

تثاءبت عدة مرات ثم تابعت حديثي :

- أنتي متبعاني بقي يا آنسة إخلاص ..

استزادت غضباً و أكملت طعامها ثم استطردت و الطعام يكاد يسقط من فمها :

- اللي واخد عقلك يا أستاذ !!

دخل العديد من المواطنين لإنهاء أعمالهم فانهمكت إخلاص في العمل ، و أنا أيضاً وبعد أن انتهيت وجدتها مازالت مشغولة فتسللت خفية لأنها – جميلة جداً !!– لن تتركني أذهب قبل توصيلها في طريقي ، و أنا لا أملك سيارة بما يعني أننا سوف نترجل ، و اليوم لا أتحمل لهو حديثها ، وطرافة نميمتها ..

بينما أعبر الطريق عائداً من العمل وجدت رجلاً ببذلة سوداء ، ونظارة شمسية يقف في ثبات قوي ، وكأنه شجرة امتدت جذورها في باطن الأرض لا تستطيع الرياح تحريكها فجميع المارة تتلاعب بهم الرياح يميناً و يساراً ؛ فالجو عاصف .. إلا هو !! بدأ يعبر الطريق بخطواتٍ رشيقةٍ متأنيةٍ ؛ فوجدتني أندفع مسرعاً نحوه .. آخذه في أحضاني و نرتمي سويا علي الأرض ؛ كادت أن تصدمه سيارة مسرعة .. نهض عن الأرض ، شكرني بشدة ثم بدأ ينظف بذلته بطريقة جعلتني أضحك ؛ لكن الغريب أن نظارته الشمسية لم تسقط عنه !! – المهم – دعوته لزيارة منزلي المتواضع لأقوم بتنظيف ثيابه فمنزلي ليس ببعيد ، وعلي الفور قبل الدعوة .

داخل منزلي المتواضع تجول في الصالة ، بينما أنا هرولت إلي الحمام و أنا أحمل جاكت بذلته .. أمسكت بفرشاة ملابسي ، وبدأت تنظيفه ؛ ثم سمعت تمتمته بالخارج :

- هو أنت عازب ؟!

لم أتعجب من كلماته ، فالشقة غير مرتبة تخلو من لمسات الأنوثة التي طالما تستشعرها عند دخولك منزل أحد الأقارب ؛ فضحكت و بادلته الحديث :

- آه .. عازب ..

- هو فين والدك ، أو والدتك ؟

أغضبتني تلك الكلمات كثيراً ؛ فخرجت علي الفور و أنا أحمل الجاكت في يدي ، والفرشاة في اليد الأخرى و أحدثه بحدة :

- و ليه الأسئلة الكتير دي ؟

ضحك ؛ ثم تنقل بخطوات هادئة بين جدران الغرفة يتفحص شهاداتي المعلقة عليها و هو يتابع بكلماتٍ ناعمةٍ :

- مش قصدي .. بس إحنا بندردش .. بنتعرف علي بعض ..

أكملت حديثي و هو مازال يعطيني ظهره :

- أمي و أبويا مـَيتين .. و أنا عايش في الشقة دي أنا و أخويا سعيد .. هو في كلية

حقوق ..

توقف أمام صورة كبيرة معلقة في صدر الصالة ثم استدار ببطء وهو ينزع نظارته الشمسية عنه .. علي الفور سقطت الفرشاة من يدي و تابعها الجاكت فرفعتهما سريعاً من الأرض وأنا أقبل الفرشاة، وبدأت أتمتم بكلماتٍ تكاد تكون مفهومة :

- ه..هو .. أنت .. قصدي .. حضرتك .. هو مش أنت أنت باردوا ؟! و لآ أنا .. إيه ؟

تصاعدت أصوات ضحكاته التي شعرت و كأنها زلزالاً يضرب المنزل فصداها يرعبني – نظراً لقلة أساس المنزل – إن من يقف أمامي هو الرئيس – بشحمة ولحمة – قد كان يتفقد أحوال رعيته فإذا به يتجول داخل الصالة ، وارتاح علي أريكتي – هعرضها في متحف – ثم تفحص بعض الكتب الموضوعة داخل مكتبتي بجواره .. أمسك واحداً ؛ ثم بادلني نظرة لم أفهم منها شيئاً هل هو مستاء ، أم ؟ لا أعلم !! .. قرأ عنوان الكتاب بتأنٍ :

- " بـــن لادن يعلـــن الحــــرب " ..

صمت قليلاً وصمته يقتلني .. فبادلته بكلمات مسرعة و كأني أسابق الزمن لأزيل سوء الفهم الذي قد يحدث :

- و الله مش بتاعي .. أنا لقيته في الكلية .. وماكنش عليه اسم حد .. ف .. فقولت آخده

أخليه عندي لحد ما يبان له صاحب .. و الله دا اللي حصل ..

وضع الكتاب علي المنضدة ، ثم توجه نحوي .. فجأة علت أصوات طرقات باب المنزل .. ارتفعت أكثر فأكثر ؛ فنهضت من نومي فالساعة تشير إلي الثانية بعد منتصف الليل .. إنه أخي سعيد .. يا لا سوء حظي العاثر .. لقد انتهي الحلم قبل أن أشكو له عن كل ما تمنيت .. ذهبت إلي سريري راجياً أن ألقاه مرة ثانية.

إلي اللقاء في الحلم التالي ..

تأليف / كمال الصياد

كتاب يوميات مجنون رسمي " الحلم الثاني "


اليوم هو السبت من شهر مارس الموافق خمسة منه ، استيقظت و أنا في قمة الأرق و الضيق بسبب ما بـَدّر من أخي سعيد و ضياعه الحلم الذي سعيت ورائه ؛ فكل هذا قد نبأني بسوء حظي العاثر اليوم .


خرجت كعادتي من المنزل و أنا أترنح فوق قوالب الطوب لأتفادى السقوط في مياه الصرف الصحي التي وصلت حتى الرُكـَب ؛ لكن ما لفت انتباهي أن في الحلم بالأمس لم تظهر تلك الصورة المؤلمة فقد كان الشارع مرصوفاً ، و الزهور أمام كل منزل .. ضحكت بداخلي فكيف لي أن أتخيل الرئيس و هو يتحرك بنفس طريقتي فوق قوالب الطوب ؛ لكن الأغرب من ذلك أن الزيف و الخداع قد تسرب أيضاً إلي أحلامنا فبتلقائية تبدلت الأمور ، جاء رئيس حي الأحلام ، ورصف الشارع كما أضاف الزهور علي جانبي الطريق قبل زيارة سيادة الرئيس – في الأحلام – استوطن اللا مألوف الوجدان ؛ حتى الأحلام أصبح لها حراس و قوانين ، صار لها ضوابط حتى آخر رمق في أرواحنا .. حتى الأحلام !!


وصلت مكتبي و كما هو متوقع بـدأت إخـلاص في ممارسة هوايتها المفضلة – الرغي و النميمة – جلست بجواري تسرد قصة شاكر و المدير و عن الجدل الذي دام بينهما لمدة ربع الساعة حتى انتهي الموقف بتوقيع الجزاء علي شاكر – الكسول – الذي يتوانى عن تأدية واجبه في خدمة المواطنين ؛ انتهت إخلاص من وصلة النميمة مع آخر رشفة لي من فنجان القهوة الذي وضعته من يدي ، ثم أمسكت بدفاتري لإنهاء عملي الذي لا يزيد عن ساعة ونصف من جملة الثماني ساعات ، لم ينال الموقف إعجاب إخلاص فانسحبت ببطء في صمت لكي تنتهي هي الأخرى من عملها .


لا أستطيع العمل فمازال الحلم يمتلكني ، لا أستطيع التخلي عن التفكير في لقائنا التالي ولكن كيف..؟! وجدتها فطريقة جدتي باءت بالنفع ، لكن هل يجدي ذلك نفعاً في المرة المقبلة ذهبت إلي مطعمي المعتاد و اشتريت وجبة غدائي ؛ ثم توجهت إلي منزلي ؛ فنحن وقت الظهيرة .. ما أن دخلت شقتي حتى وقع بصري علي الأريكة .. جلست عليها ووضعت طعامي علي المنضدة و قلت في نفسي :

- " ياااه .. لو كان الريس معايا علي الغدا .. يا سلاااام يا واد يا كيمو .. دا يبقي حلم"

انتهيت من تناول طعامي .. أشعر بالنعاس ، حتى أنني تكاسلت عن تنظيف المائدة و حدثت نفسي :

- هو أنا لو نمت علي الكنبة اللي حلمت بالريس عليها قبل كدا .. أكيد هحلم بيه تاني

عند نفس الحتة اللي اتقطع عندها الحلم ..

هكذا تلألأت الفكرة في عيني فوضعت رأسي علي الوسادة ، واستغرقت في ثـُبَات عميق بعد لحظات سمعت طرقات متتالية علي باب الشقة إنها ليست لأخي هذه المرة فأنا لم أنهض من مكاني بعد حتى انكسر باب الشقة ووجدت ثلاث رجال يرتدون بدلات سوداء ، ونظارات شمسية تقدم أوسطهم ، و كما يبدو انه المسئول عن كل تلك الفوضى و تحدث بكلمات تخلو من العنف ، فابتسامته تقتلني فأنا أعلم ما هو الوضع الذي أوقعت نفسي فيه نهضت من مكاني ببطء ، و أكاد أسمع ضربات قلبي تتغني علي ألحان العندليب – مشيت علي الأشواك – فوضع يده علي كتفي ليجلسني و قام الرجل عن يمينه بوضع كرسي له ليجلس أمامي ثم بدأ يتحسس جبهتي التي بدأت تمطر العرق الغزير ثم رفع نظارته الشمسية و لفظ كلمات متأنية :

- ازيك يا شاعر ..

تلك الحروف التي مضت عقدت لساني عن الحديث ، و لكنني اكتفيت بالنظر إليه مشيراً له برأسي و ابتسامتي البلهاء عن رضاً تاماً اتكأ للخلف قليلاً ثم استطرد :

- كنت عايز تقابل الريس ليه يا فنان ؟!

أشرت له برأسي بالنفي ، فأنا في تلك اللحظة أشعر ببرودة تتملك جسدي بالكامل ، وحلقي جف حتى من الحروف ثم وقع بصري علي زجاجة الماء علي المنضدة فتابعها بنظراته ثم ضحك بصوتٍ عالٍ صم أذني ، و كأن المنزل ينهار .. إعصار يجتاح أحاسيسي ثم توقف ، و أفرغ بعض الماء في الكوب و أعطاني :

- خد .. أشرب ..

شربت كوب الماء ، وشربت معي ثيابي ، بينما الرجلان خلفه يمطراني بنظرات تقذف الرعب داخلي ، تمالكت نفسي ثم وضعت الكوب من يدي و ، أنا أحدثه بلطف:

- حضرتك مين ؟

- إحنا ؟! مش مهم .. بس شاكلك كدا وطني !!

تحدثت بسذاجتي المعتادة دون تردد :

- لأ .. وفدي ..

دويت ضحكاتهم الثلاثة ؛ فوجدتني أبادلهم الضحكات بطرافة علي غير العادة فصمت الجميع بعد أن أطاح زجاجة الماء بيديه و تحدث غاضباً :

- أنت هتستهبل ؟ ..

نهض و دار في الغرفة ، أزاح قليل الكتب من مكتبتي ، ثم أمسك بكتاب " بن لادن يعلن الحرب " و قرأ عنوانه بإسهاب :

- جميل الكتاب دا .. أنت بتتبني أفكار تنظيم القاعدة ؟

ضحكت و أنا علي يقين تام بأنه لا يعلم بعد بأن الرئيس قرأ العنوان مسبقاً ، ولم ينال كل هذا الكم من الغضب ، نظر لي في سخرية ، و استنكار :

- بتضحك علي إيه ؟

- لا ما فيش .. بس مش معني إن عندي كتاب يبقي أنا بتبني أفكاره ..

جلس علي المقعد وكأنه في تحقيق رسمي و بدأ في تناوب الأسئلة الواحد تلو الآخر حتي إن انتهي من أحدهم أكون قد نسيت السابق له ، ثم بدأ في آخرهم و هو يهم من مقعده ويدور حولي نصف دورة ، هامساًَ في أذني :

- هو أنت بقي بتاع الأحلام ؟!

- أنا حلمت خير اللهم اجعله خير قال إيه .. أنا لابس أبيض في أبيض ، وطاير في

السما .. بس كان فيه حاجة غريبة جداً !!

- زي إيه ؟

- كانت رجلي بتنزل دم ..

أخرج مسدساً من طيات ملابسه ثم وجهه لرأسي متحدثاً بغلظة :

- تلاقي حد افتكرك حمامة وضربك عيار ..

قبلتُ يده و أنا أكاد أبكي :

- وليه ما تقولش عين وصابتني ؟!!

في تلك اللحظة ارتفع صوت هاتفي المحمول حتي أيقظني كان أخي سعيد ، ولكنه ليس من الباب هذه المرة ؛ إنما من التليفون كانت رسالته المعتادة – please call me!! – لا تعلمون مدي حبي لتلك الرسالة فقد أنقذتني من كابوس كاد يقتلني فتمنيت لو أن هاتف أخي أمامي لكي أقبل " سوكت شاحنه "

إلي اللقاء في الحلم التالي - إن عشنا وكان لنا عمر !! –


تأليف / كمال الصياد